من أين أتيتى!

من أين أتيتي ...
في مساء ذلك اليوم .. وأنا جالسة بغرفتي في الضوء الخافت الذي إعتدت العيش فيه خاصة داخل غرفتي  .. إذ بها تتخبط وترسم علي جدران غرفني خيالات .. وتتخبط محاولة الوصول إلي الضوء الخافت الذي ينير غرفتي  .. فأبتسم في لحظة كنت أحوج لأي شئ يبهجني لأبتسم .. وإذ بي أسألها من أين أتيتي .. كيف دخلتي إلي الغرفة ! ومرة بعد مرة تندفع تلك الفراشة نحو الضوء وتصطدم بالجدران وبشباك نافذتي .. فتسقط وتنهض مرة أخري في محاولات لها دون يأس .. وفطنت إلي محاولات الفراشة غير اليائسة لما لا نفعل مثلما تفعل الفراشات !!
فطنت لمحاولات الفراشة في محاولاتي للوصول إلي العلاقة العميقة مع الله .. أشعر أنني قد فوت علي نفسي فرصاً عديدة  كان بوسعي أن أشعر بها بوجود الله في حياتي أكثر من ذلك .. لكنني إنشغلت بذاتي في فترات ما وقصرت بحق إلهي . فما أصغيت إلي ما كان الله يطلبه مني لأنني كنت منشغلة فيما أطلبه منه أنا .
إنني أشعر في نفسي أن السبيل الي الوصول لحياة روحية حقيقية هو أن أسأل الله  " نعمة العطاء والمشاركة " أن أعرف كيف أشجع رفيقاً في إخفاقه وفشله ، وأسند صديقاً في كبوته ، وأغفر لمن أساء لي ، وأعرب عن إمتناني لمن عاونني ، أصلي لكي أشعر بوجود الله من حولي وأتغلب علي الخوف .
يتأكد لي أن ارتياحي في الحياة مرهون بقبول الله لي .. كما أشعر بأن قيمتي الحقيقية هي قيمتي أمام الله وكل ما دون ذلك ذائف وزائل لا حقيقة فيه وعلي أن أحيي ذاتي مع الله لآن سوي ذلك لا منعه فيه ولا منه .
يقيني حقا أن الله يريد أن يكون بقربي وأريد أن أكون بقرب الله

نوستالجيا

نوستالجيا
هي تلك اللحظات التي نشعر فيها بالحنين الي الماضي .. هي تلك اللحظات التي تتمرد فيها أرواحنا ونهرب بها الي الماضي أو الخيال ..
هى تلك اللحظات التي تمتلئ بها حياتنا وتكون شديدة التأثير علينا .. هي تلك اللحظات التي نمر بها في حياتنا لتتجمع وتصبح حياتنا بعدها ما هي إستعراض لتلك اللحظات .. تلك اللحظات  تلتهم  كل ما يقترب منها فتصبح حياتنا بعد تلك اللحظات ما هي الا محاولات لتمهيدا لما بعد ذلك ومحاولات يائسة لاسترجاعها .
إنها تلك اللحظة التي تفقد فيها من أحببت .. تلك التي تبكي فيها حينها كالطفل الذي ضل الطريق عن أمه  .. وفقد مصدر الأمان بالنسبه إليه .. تلك اللحظة التي تتذكره دائما في شتي أمور الحياة .. تلك اللحظة التي تراه في أشباه البشر جميعهم .. تلك اللحظة التي تتوقف فيها عن القراءة والنظر الي الكتاب ثم تغلقه غاضبا حزينا . تلك اللحظات التي لا تتصور الحصول علي تذكرة واحدة للقطار لا تذكرتين . تلك اللحظات التي تدرك فيها أنه كان شئ جميل في عالم قبيح فرحل .. تلك اللحظات التي نشعر فيها بالأشتياق له وتدعو الله أن تراه في الأحلام والتي لا تهدأ قلبك  بعد رؤيته .. تلك اللحظات التي تعتاد فيها الفقد وتقترب منك رائحة الموت وحينها تشعر بطعم الحياة لان كل من يرحل عنه عزيز وحبيب يعتاد الفقد وينتهي الخوف .. الخوف من أي شئ  .. الفقد ، الوجع ، الألم ، الموت .
إنها تلك اللحظات التي يغدر فيها صديقك وتذوق طعم الألم .. تلك اللحظات التي تقنع بها نفسك أن عدو واحد خير من صديق خائن .. تلك اللحظات التي تقوم بها بحذف أعز أصدقائك من قائمة حياتك .. تلك اللحظات التي تحزن وأنت تتضرع إلي الله وتمد يدك بالدعاء وتقول " اللهم إحفظني من أصدقائي "
إنها تلك اللحظة التي يغضب عليك فيها أعز أصدقائك ويقوم بتعنيفك والصراخ في وجهك  .. هذه اللحظات التي لم تستطع النوم من شدتها طيلة الليل .. تلك اللحظات التي لم تستطيع السيطرة علي روحك والانغمار في الدموع أمامه .. تلك اللحظة التي تهرب عينك حتي لا تلاقي عينيه التي تشبه عيون الصقر في حدتها وقسوتها .. تلك اللحظة التي تتجنب لقائه لآنك كشفت فيها عن روحك وانت في أضعف حالاتك .
إنها اللحظة التي تخبر فيها أصدقائك  وأقرب الناس إليك بأنك سوف تترك العمل وترحل .. وتشعر حينها انك أصبحت وحيدا .. تلك اللحظة التي تدرك فيها أن الله قد أرسلك إلي هذا المكان لتلقاه وتمضي لمكان آخر لإنسان آخر .تلك اللحظة التي تشتاق إليه وتتصور كل ما يقوم به عندما كان بجانبك .. تلك اللحظات التي تبتسم فيها وانت تبكي لمجرد تذكرك بوجودهم في حياتك ..
إنها اللحظات التي تجلس فيها علي شاطئ البحر ومددت بصرك للأفق البعيد والممتد وتسأل نفسك إلي أين ينتهي البحر ومن أين تبدأ السماء .. تلك اللحظة التي حينما تري البحر يأتي شخصا واحدا في ذاكرتك وتحادثة في اللحظة ذاتها ..
تلك اللحظات هي محور حياتنا .. هي حياتنا الفعلية .. علينا أن نعيش تلك اللحظات بكل مذاقها الحلو منها والمر .. فلا نستطيع ان نعيش ونحيا بدون شعور حقيقي واعي بأهمية تلك اللحظات في بناء ذواتنا وأرواحنا  مهما كانت تلك اللحظات ومهما كانت درجة وعينا وإحساسنا بيها .. تلك اللحظات جميعها ما هي إلا "  إنها النوستالجيا  "

Translate